برنامج تطوير قيادة المرأة وتمكينها لعملية الديمقراطية

تقرير عن ولاية الآباء علي الأبناء في الدراســة

موجز الدراسة:
الأصل في الولاية أن تكون للأب على أبنائه القصر الذين لم يبلغوا سن الرشد (21 عاماً) أو بلغوها ولكن بهم عاهة عقلية تجعلهم غير قادرين على التصرف وذلك طبقاً للشريعة الإسلامية التي تطبق علي المسلمين والمسيحيين سواء. وعلي هذا فإن الولاية تشمل كافة الأمور الخاصة بالقاصر، كالولاية على النفس والمال، إلا إنها في بعض الأحيان قد تؤدى إلي تعرض القاصر إلى العديد من المشاكل خاصاً في حالة حدوث الخلافات الأسرية. وهذا الأمر اصبح كثير التكرار لاسيما فيما يخص التعليم حيث أن ولاية الأب على الأبناء دراسيا تستمر حتى نهاية المرحلة ما قبل الجامعية.

ومن خلال العديد من المشاكل التي وردت إلى مكتب شكاوى المرأة ومتابعتها لوحظ الآتي:
بما أن الأب هو المسؤول الوحيد عن التصرف في الأوراق الدراسية للأبناء، فإنه في حالة حدوث خلافات أسرية يلجاء بعض الآباء، كوسيلة للضغط على الأم، إلى استغلال ذلك الحق عن طريق نقل الأبناء من مدرسة لأخرى أو تغيير نوع دراستهم أو حتى حرمانهم من الدراسة نهائياً. فمثلاً إذا حدث أن تركت الزوجة منزل الزوجية، غالباً بسبب طرد الزوج لها هي وأبنائها، وانتقلت للإقامة معهم في مكان آخر بعيد عن مسكن الزوجية، تتعاظم المشكلة حيث لا تستطيع الأم في هذه الحالة نقل أبنائها إلى مدرسة قريبة من سكنهم الجديد إلا بموافقة الأب الذي غالبا ما يرفض ويبدأ في مسلسل المساومات لتتنازل الزوجة عن حقوقها الشخصية مقابل ضمانها مستقبل أبنائها.



ويؤدى سلوك هؤلاء الآباء إلى خلق عبئاً مادياً ونفسياً على الأبناء والأمهات على حد سواء حيث تضطر الأم إلي توصيل الأبناء يوميا إلى مدارسهم البعيدة وغالبا ما تكون هذه الأم عاملة. وقد تتعارض مواعيد عمل الأم مع مواعيد مدارس الأولاد فيضطر الأبناء لانتظار أمهم في الشارع مما قد يعرضهم لأخطار الحوادث والانحراف. وهذا بلا شك يؤدى إلي ضياع وقت وجهد الأبناء ويؤثر على تحصيلهم الدراسي كما يؤثر سلبياً علي وظيفة الأم ويعرضها لفقدانها.
وإذا حاولت الأم إصلاح ما أفسده الأب، حماية لمستقبل أبنائها، تجد انه يجب أن تكون حاصلة على حكم بحضانة أبنائها حتى يكون لها حق التصرف في أوراقهم الدراسية . وفى سبيل حصولها على هذا الحكم بالحضانة تضيع سنين دراسية على الأبناء حيث أن اقل فترة تستغرقها دعوى الضم أو امتداد الحضانة هي سنة تقريباً.



ولا يشمل هذا الأمر الأطفال اللاتي هم في سن حضانة الأم فقط إنما يتجاوزهم ليشمل الأطفال اللاتي هم في سن حضانة الأب ولكن حضانتهم الفعلية تكون مع الأم حيث يقوم الأب بالحصول علي حكم بحضانة الأطفال حتى يسقط عنه نفقة الصغار ثم يتركهم في حضانة الأم. في مثل هذه الحالة لا تستطيع الأم علي الإطلاق التصرف في الأوراق الدراسية لأبنائها الذين تركهم الأب وغالباً ما يكون ممتنع أيضاً عن الإنفاق عليهم حيث أنها تكون قد لجأت لرفع دعوى نفقة للصغار ولم ينفذ الأب الحكم فتضطر لرفع دعوى حبس وأحيانا كثيرة يتهرب الأب أيضاً من حكم الحبس.



والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تترك مستقبل الأبناء في يد أباء لا ينفقون على أبنائهم ويتهربون من مسئوليتهم أو يقومون برفع دعوى تقليل نفقة أو بتوكيل محامى في دعوى الحبس المقامة ضدهم. والغريب في الأمر أن هؤلاء الأباء يقومون بدفع أتعاب للمحامى ولا يقومون بدفع مصروفات أبنائهم. فهل يعقل أن يكون لمثل هذا الأب الحق في تحديد مستقبل أبنائه ويكون نصيب الأم التي ترعى الأبناء هو التهميش والتقليل من شأنها؟



نماذج لبعض الشكاوى التي وردت لمكتب شكاوي المرأة ومتابعته:



1- السيدة / سلوى لديها أربعة أبناء، ثلاثة منهم في مرحلة التعليم الابتدائي الإلزامي والرابع لم يدخل المدرسة بعد. حدث خلاف بين الشاكية وزوجها، حاولت إصلاح الأمر بينهم دون جدوى فأخذت أبنائها واستقلت بهم تمهيداً للحصول على الطلاق من زوجها فما كان من الأب إلا أن تقدم إلى مدرسة الأبناء وسحب ملفاتهم بزعم انه سينقلهم إلي مدرسة أخرى ولكنه لم يقدم أوراقهم إلى أي مدرسة وقد فعل ذلك قبيل امتحانات آخر العام الدراسي بأسابيع قليلة. حاولت الأم أن تثنيه عن عزمه دون جدوى فتقدمت إلى مدير مدرسة قريبة من المنزل الذي انتقلت مع أبنائها للإقامة به وقد وافق علي أن يقبل الأولاد بالمدرسة بشرط أن تستكمل ملفاتهم الدراسية.
نظراً لأن الأب قد سحب ملفات الأولاد من مدرستهم الأصلية فقد قامت الأم باستخراج مستخرج رسمي لشهادات ميلاد الأطفال في محاولة منها لعمل ملفات جديدة لهم إلا أن مدير المدرسة الأصلية رفض إعطائها بيان حالة يوضح السنة الدراسية التي كانوا مقيدين بها . وقد حاولت الأم الحصول على هذا البيان من المنطقة فلم تستطيع فلجأت لمكتب شكاوى المرأة وبعد دراسة الحالة وجد أن الأطفال في سن حضانة الام وفى مرحلة التعليم الإلزامي التي تفرض على ولى الأمر تعليم الأبناء وإلا عد مخالفاً للقانون. فتم إرسال الشكوى إلى مكتب تكافؤ الفرص بوزارة التربية والتعليم التي جاء ردها مخيباً للآمال حيث قرروا أن الأم لم تقدم ما يثبت أن الأطفال في حضانتها مع العلم أن الأطفال في سن حضانة الأم ونظرا للخوف من ضياع امتحان آخر العام على الأطفال قام مكتب شكاوي المرأة بالاتصال بمدير المدرسة الجديدة ليقبل الأولاد حتى استكمال ملفاتهم ولكنه رفض. وقد قام المكتب برفع دعوى حضانة أطفال للأم، مع العلم أنهم في حضانتها فعلياً، ليكون لديها هذا المستند وذلك حتى يستطيع الأطفال دخول امتحان الدور الثاني إلا أن الدعوى تم تأجيلها إلى شهر سبتمبر دون سماع الأم. وبذلك كاد الأطفال أن يضيع عليهم امتحان الدور الثاني إلا أن الأب ساوم الام على التنازل عن الأطفال مقابل الموافقة على دخولهم الامتحان فما كان من الأم إلا أن تنازلت عنهم حفاظاً على مستقبلهم بالرغم من أن هذا التنازل غير قانوني.



2- تقدمت أم بشكوى تليفونية لمكتب شكاوي المرأة تتضمن قيام طليقها في منتصف السنة الدراسية للأبناء بسحب ملفاتهم الدراسية من مدرسة اللغات الخاصة الباهظة المصروفات، بعد أن قامت الأم بسداد مصروفاتها، ونقلهم إلى مدرسة لغات تجريبية. ونظرا لصغر سنهم فقد تم تحويلهم إلى سنة دراسية أدنى فتعزر عليهم التأقلم مع نوعية الدراسة المختلفة وقد أشارت الشاكية إلي أن هذا القرار قد كان له تأثيراً سلبياً علي حالة الأبناء النفسية والدراسية.



3- هناك شكوى أخري تتضمن قيام الأب بسحب ملف أبنته من المدرسة الثانوية بالقاهرة وقرر عدم استكمالها للدراسة وسفرها معه للصعيد لرعاية زوجته الجديدة بحجة أنها مريضة. وعندما أقامت الأم دعوى امتداد حضانة لاستمرار الابنة معها، طلب القاضي بطاقة الابنة ثم رفضت المدرسة ختم أوراق استخراج البطاقة لأن الأب كان قد قام بسحب الملف الدراسي من المدرسة. أشار المكتب على الأم بمحاولة استخراج البطاقة عن طريق المنطقة التعليمية التابعة لها مدرسة البنت.



4- هناك شكوى أخرى قام فيها الأب بسحب أوراق أبنته من المدرسة وهى بالمرحلة الابتدائية ومنعها من الدراسة لمدة أربعة سنوات. قامت الأم خلال هذه الفترة بمحاولات عديدة لكي تستخرج ملف جديد لأبنتها ولكن المدرسة التي تقدمت إليها رفضت قبول الأوراق بالرغم من حصول الام على حكم بالضم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يعقل أن يظل الأبناء في ولاية آبائهم حتى وهم في حضانة الأم؟



5- شاكية أخرى تقيم بمحافظة أسيوط ولديها ثلاثة أبناء، أكبرهم في الصف الثاني الثانوي. دب خلاف بينها وبين زوجها فقام بضربها وطردها هي وأولادها من مسكن الزوجية فعادت لتعيش مع أسرتها بمدينة البداري التي تبعد 40 كم من أسيوط. عندما حاولت الأم نقل أبنائها إلي مدرسة قريبة منها لم تستطيع فقامت بالاتصال بالأب الذي ساومها وطلب منها مبلغ 25 ألف جنية ليوافق على نقل أبناءه. بالطبع رفضت الأم وحاولت نقلهم من جديد وعندما تمكنت من نقل أبنتها قام الأب بإبلاغ النيابة التي بدأت التحقيق مع مدير المدرسة الذي تم نقل الابنة إليه.
ومن ثم يجب أن نعيد النظر في تحديد من المسؤول عن مستقبل الأبناء في الدراسة. هل الأب وحده أم الأب والأم معاً مع العلم أنه لا يوجد نص قانوني صريح يمنع ولاية الأم على أبنائها.



المقترحات:



1- أن ينص القانون على أن يتشارك الوالدان في أي قرار أو إجراء أو تصرف يتعلق بمستقبل الأبناء الدراسي.



2- انفراد أحد الوالدين بالحق في التصرف في مستقبل الأبناء الدراسي يجب أن يكون لمن له الحضانة الفعلية للأبناء.



بالامكان قرأة الدراسة أيضا على موقع شركة خدمات المعلومات التشريعية ومعلومات التنمية:
http://www.tashreaat.com/